قبل عامين. بعد أن غربت الشمس، ودّع نيكولاس صديقه ليام وعاد إلى منزله. حيث استقبلته القطة السوداء وهي تجلس أمام الباب، تجاهلها، واتجه نحو الثلاجة، التقط زجاجة بيرة ثم جلس على الأريكة، كان قد تجرّع أكثر من نصف زجاجة البيرة قبل أن يضعها فوق الطاولة التي أمامه، ثم استلقى على الأريكة وأغمض عينيه، كان يريد أن يحظَ بغفوة يحاول فيها إراحة جسده وعقله المنهكين، ولكن لم تمر بضعة ثوانٍ حتى سمع صوت مواء تلك القطة بالقرب منه، فتح عينيه بصعوبة، ووجدها تقف أمامه فوق الطاولة، تحدق فيه بعينيها المتغايرتين. نزلت من على الطاولة، وراحت تتمشّى في أرجاء الغرفة، كان يتتبع خطواتها بعينيه، حتى توقفت واستقرت في مكانها المعهود الذي اعتادت أن تقف فيه، بجانب إحدى الطاولات، لم يأبه لأمرها وأغلق عينيه للمرة الثانية، ويبدو أن القطة كان لديها رأي آخر، لم تُرِد منه أن يأخذ قسطه من الراحة، وبدأت تموء مجددًا. تجاهلها، إلا أنها استمرت بالمواء بدون توقف، ذلك ما جعله يشتاط غضبًا ويلتقط زجاجة البيرة من فوق الطاولة ويرميها على الحائط بجانبها، وينطق في حنق: - "توقفي عن إزعاجي، عليك اللعنة!" حينها توقفت عن المواء
قبل عامين. بينما كانت طيور النورس تحلق في الأرجاء، كانا يقفان على حافة الجسر لم ينطق أحدهما بكلمة لمدة من الزمن، أحدهما اكتفى بأن يستند على سياج الجسر ويتفرّج على المارة، والآخر يمسك بيده سيجارة وينظر نحو أمواج البحر وهي تتلاطم اسفل الجسر، قطع الأول ذلك الصمت حينما رأى مجموعة من الصبية الصغار يتجولون في الجوار، حيث قال: - "لقد اعتدنا اللعب هنا كثيرًا في صغرنا، كنّا نهرب في بعض المرّات من الميتم لنأتِ إلى هنا." أجابه الآخر بنبرة ساخرة: - "كنت لأتشارك معك ذكريات طفولتنا السعيدة لو أنّي أتذكر." تجرّع القليل من سيجارته ثم نفثها وأكمل: - "لقد اتصلت الشرطة بي البارحة." نظر نحوه وسأل، ونظرة التأمل في عينيه: - "بخصوص لويلا؟ هل وجدوا شيئًا ما؟!" قابله نيكولاس ببرود: - "سوف يغلقون ملف القضية." - "ولِمَ؟" هز رأسه بالنفي: - "لا أعلم." صمت للحظات، ثم أردف: - "إنني أتساءل يا ليام، لِمَ على الأمور أن تكون هكذا في مثل هذا الوقت؟ أكان عليها أن تختفِ قبل أن أفقد ذكرياتي اللعينة؟" لم يجبه، لم يبدُ أن صديق